Lost & Found Futures – More Dogs
Hoe vorm je een toekomstbeeld als je blik strak op je eigen navel is gericht?
Marijn Lems
        	        	Bagdad, Enkidu Khaled & Chris Keulemans © Koen Broos
إبتلى المخرج البلجيكي من أصل عراقي انكيدو خالد بمِيكروب المسرح منذ شبابه في العراق بفضل شكسبير وبريخت. غير أن الحرب والفوضى التي أعقبت سقوط نظام صدام الديكتاتوري دفعته هو وغيره من المسرحيين الشباب إلى التخلي عن الذخيرة المسرحية الغربية. فالواقع الذي عاشوه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يجد إنعكاسا في المرجعية الغربية. يروي انكيدو خالد كيف تاثرت نشأته كشخص وكفنان بالواقع المٌرّ للعراق في القرن الحادي والعشرين.
كمخرج مسرحي في العراق، تأثرت تجاربي المسرحية الأولى بهياكل ومحتوى المسرح الأوروبي بشدة. إعتمد التكوين المسرحي والبرامج والعروض المسرحية على السواء على نماذج غربية تم استيرادها في زمن كان يتم فيه تشجيع المجتمع العراقي على التحديث والتقدم ضمن المفهوم الاوربي. في تلك الفترة تأسست ذخيرة مسرحية تتكون تقريبًا بكاملها من المسرح الأوروبي: من قدماء الإغريق إلى الكتاب المسرحيين الأوروبيين المعاصرين. كانت في الواقع بالنسبة لنا تجربة غرائبية شجعت أحلام اليقظة وحالات أخرى من التأمل والتخيل.
في يوم من الأيام صادفت هذه المقولة المنسوبة إلى برتولد بريخت: ” الفن ليس مرآة للواقع، بل مطرقة يمكن بها تشكيل هذا الواقع.” 1 كنت أميل إلى الاتفاق مع بريخت، لأن الفن يملك قوة تتجاوز الإنعكاس. لكن النقطة المثيرة للاهتمام هي أن الواقع، في ظل ظروف معينة مثل الحرب، يمكن أن يكون أيضًا مطرقة للفن. السؤال الذي شغل بالي عندما كنت أدرس المسرح في معهد الفنون في بغداد هو كيف يمكن للمسرح أن يتفاعل مع هذا الواقع المتغير جذرياً.
في رواية للكاتب العراقي حسن بلاسم  ” الله 99 “، تصف احدى شخصيات الرواية تجربتها مع المسرح في بغداد على النحو التالي: ” معظم المسرحيات التي شاهدتها في مختلف المسارح الطلابية والحرفية […] قدمت إنتاجات تجريبية تعتمد بشكل أساسي على اقتباس المسرحيات الأوروبية ؛ شكسبير وبريخت وبيكيت ويونسكو وسارتر وبينتر وآخرين. […] كنت في البداية متحمسًا جدًا، لكن مع مرور الوقت شعرت بالملل من تلك العروض. لقد بدت لي جميعها متشابهة ومتكررة. في هذا الأسبوع كان هامليت في المطعم، وفي الأسبوع الاخر في قبر. في هذا لأسبوع كان ماكبيث في الفصل الدراسي، وفي الأسبوع الموالي في مرحاض للرجال “. 2
على الرغم من أن المشهد عبارة عن رسم كاريكاتوري، إلا أنه يعكس تجربة خضتها أيضًا مع المسرح في السنوات الأولى من الألفية الثالثة (2000) في بغداد. في زمن صدام حسين، كان التحدي الكبير هو التحايل على الرقابة وخلق فُقَّاعات من الحرية. فمثلا خلف كلمات مثل أوديب أو كاليجولا، تتستر قصص يمنع التعبير عنها علانية. لكن بمجرد سقوط النظام، سقطت معه ضرورة التعبير عن الواقع بشكل غير مباشر. في نفس الوقت جاءت الفوضى ومعها الحاجة إلى مواجهة الأحداث والواقائع الاجتماعية المختلفة ورسم معالمها ومناقشتها. شعرنا بالحاجة إلى أن نجتمع و نلتقي فيما بيننا ونناقش المستقبل ونتفاوض عليه، لإرساء دعامة للمجتمع والحوار.
أصبح “التحدث” مع الواقع أو الحديث عنه داخل المسرح غير ممكن بأي شكل من الأشكال من خلال المخزون المسرحي الغربي. إن عبثية ذلك الواقع، المليء بالصراع والظلام، والذي يفيض أيضًا بالإبتكار، دفعت مسرح العبث المستورد من أوروبا الى الخفوت والتراجع. من شدة تأثرنا بواقع زمن الحرب، لم تعد مشاهد و تجارب هامليت ورفاقه تثير إهتمامنا. لهذا السبب تخلينا عن هذا المسرح الأوروبي، واستبدلناه بقصص مؤثرة نابعة من االشارع، قصص كل هؤلاء الأشخاص الذين عاشوا نفس المعانات مثلنا، ولكن كل واحد حسب طريقته الخاصة. وحتى قبل أن ننقلها الى خشبة المسرح، كانت تلك القصص تنتقل وتروى داخل مختلف الفيئات الإجتماعية {الجماعات}. لم نكن نفكر في نقل الواقع أوتشكيله، بل استسلمنا للفوضى وأصبحنا جزءًا من العديد من الوقائع، وشبكة العلاقات، والقصص، والعوالم.
“كان التحدي الأول الذي واجهناه هو النص المسرحي: كيف يمكننا (إعادة) كتابة قصة تمثل الفيئات الإجتماعية وتتجاوب معها؟”
كجيل جديد من الفنانين وجب عليه مواجهة الفوضى، إضطررنا أن نخلق استراتيجيات عمل جديدة، وكان التحدي الأول الذي واجهناه هو النص المسرحي: كيف يمكننا (إعادة) كتابة قصة تعبر عن الفيئات الإجتماعية  وتتجاوب معها؟ كانت فكرتي أن أبدأ بزعزعة بنيات العمل التي نشأت مع ظهور العمل المسرحي في العراق، مثل الهَرميَّة والعلاقات المحددة سلفا بين المخرجين والممثلين وموظفي الإنتاج وغير ذلك. مازلت أتذكر أنه عندما دخلنا ذات مرة إلى أحد المسارح في بغداد وجدنا لافتة كتب عليها “التدخين ممنوع في المسرح باستثناء المخرج”. كنا أنذاك شبابا في السادسة عشرة من العمر وبدت لنا اللافتة عبارة من مزحة لاغير، لكن ذلك لم يثنيني من التساؤل عن الأشياء الأخرى التي يسمح فقط للمخرج بمزاولتها دون سواه؟
بالرغم من أننا لم نفلح في المحاولة الأولى في زعزعة نظام الإنتاج برمته، فقد تمكنا من تعطيل الأدوار التقليدية للمشتغلين داخل هذا النظام. قمنا في البداية بتوزيع المسؤوليات لاعلى أساس مبدأ ما يلزم كل واحد فعله، ولكن بناءا على قدرة الفرد واستعداده. بهذه الطريقة، وجد كل عضو داخل الفرقة ارتباطًا شخصيًا بالمشروع، الشيء الذي أعطى صبغة الأصالة للعمل بشكل عام، كما أثبت أنه أداة جيدة للتحرر. ومع ذلك، يبقي السؤال: كيف نكتب قصة من الشارع وعنه؟

)الصورة( بغداد، انكيدو خالد وكريس كيولمانس © حيدر قاسم
”  الفوضى ” هو عنوان أول عرض مسرحي قدمته في بغداد. كان المنطلق لما أصبح فيما بعد تصورا لتجربة فوق خشبة المسرح، هو تجربة شخصية عشتها وأنا في طريقي إلى معهد الفنون. ككل يوم، كنت أستقل الحافلة من الحي الذي أسكن فيه جنوب بغداد إلى الأكاديمية. ومثل كل يوم في ظل ظروف الحرب، كان هناك شيء غريب على وشك الحدوث. في بعض الأحيان قد يكون الحدث شيئًا مذهلاً حقًا، لكن في ذلك اليوم كل ما سمعناه هو أربع طلقات نارية قادمة من أحد الشوارع القريبة منا. ساد صمت رهيب وتركيز داخل الحافلة بينما الحافلة تسير ببطء. كنا على بعد بضعة أمتار فقط من الشارع الذي جرت فيه الحادثة وكان المقعد الذي أجلس فيه يعطي أفضل نظرة لمكان الحادثة. الجميع، بما فيهم السائق، نظروا بعيون مندهشة. شعرت كما لو أن كل شيء يسير ببطء، كما لو أن الوقت يزداد طولا. كل العيون متعطشة لرؤية الحدث مصدر الطلقات النارية التي سمعت، حتى تكتمل الصورة. لكن عندما وصلنا إلى الشارع وجدناه فارغا تمامًا! كنا جميعا في حيرة من أمرنا وشعرنا بخيبة الأمل عوض الإرتياح. وحتى من دون أن يشاهدوا أي شىء، روى ركاب الحافلة قصة ما حدث بحماس شديد، وكأنهم شهود عيان: عن فتاة تم اختطافها، وعن شاب أصيب برصاصة في رأسه، وعن اعتقال إرهابي من طرف الشرطة، قصص متناقضة أحيانا أو مكملة لبعضها البعض أحيانا أخرى. ألهمتني هذه المحادثات المختلفة وساعدتني في بناء تصور درامي أستخدم فيه تخيلات وتكهنات مماثلة كمادة خام للنص المسرحي.
بناءً على هذا التصور، قمت أنا وزملائي بأول عمل مسرحي في أكاديمية الفنون. كانت الفكرة هي تغيير الموقع الذي يتم من خلاله معاينة الحادثة من الحافلة وتعويضه بالشرفة. الهدف المقصود هنا هو إلقاء نظرة شاملة على حافلة قصتي ومحاولة وصف ما اعتقد الركاب أنهم رأوه بطرق عديدة.
“حيث تغيب القصص الكبيرة، يتقدم كل فرد الى الأمام ليصبح جزءًا من سيناريو غاية في التنوع والديناميكية.”
ومع ذلك، ما زلنا امام نفس التحدي: كيف نجمع النص ونكتبه ليناسب التصور؟ لم تكن المهمة التي صغناها معًا في البداية أن نلجأ إلى الأدب، أو حتى الكتابة من الصفر، ولكن أن نبدأ في تدوين كل محادثة في الحياة اليومية يكون لصداها تجاوبا عندنا بطريقة أو بأخرى : محادثة مع سائق سيارة أجرة أو مدرس أو فرد من العائلة. باختصار، كل قصة لفتت انتباهنا لأنها كانت جميلة أو على العكس لأنها كانت فظيعة. أحضرنا هذه المادة إلى خشبة المسرح وقمنا باللعب بها وارتجالها حتى شعرنا أنها تستحق أن نقدمها للجمهور ونشاركه معنا. وكانت  الفوضى، هي محاولتي الأولى لنقل قصص الركاب الآخرين في الحافلة إلى خشبة المسرح.
حيث تنعدم القصص الكبيرة، يتقدم كل فرد الى الأمام ليصبح جزءًا من سيناريو غاية في التنوع والديناميكية. توجد الكثير من الوقائع التي تلتقي وتتلامس ثم تتفاعل جميعًا مع بعضها البعض في أي لحظة وزمان. هذا يذكرني ب  شتولوسين  لدونا هارواي، إذ “على عكس الأنثروبوسين أو كابيتالوسين، يتكون من روايات متنوعة من أجناس وممارسات متعددة من قبل “أن تكون- مع” في أوقات الشك وانعدام اليقين، عندما يكون هناك شيء على المحك، حيث العالم لم يكتمل بعد والسموات لم تتهاوى بعد – ليس بعد. “3.

)الصورة(من بار الى بار، من ليلة الى ليلة، من قصة الى قصة، إلى الأمام ! إنكيدو خالد (2021) © لوك شالتين
* الفوضى كمدونة أو مخطوطة موسيقية
خلال عملية إنتاج العرض المسرحي الفوضى ، كنا ننظر إلى المجتمع كجماعة مبدعة لكن بدون دماغ مركزي، مثل دماغ الأخطبوط، الموزع على الأذرع الثمانية. وبذلك تبخرت سلطة المؤلف (العبقري)، الذي يعد معلمًا من معالم الذخيرة المسرحية.
“الانتقال يعني، إلى جانب أشياء أخرى، أنه يمكننا التخلي عن الذخيرة المسرحية القديمة ونروي نحن بأنفسنا قصة هذا التحول من جديد.”
بالتمسك بهذه النظرة المتعددة للجماعة، تصبح كل قصة جزءًا من قطعة معقدة، والتي تظل سَلِسَة وديناميكية كما لو أنك تجري حوارًا مع كل هؤلاء الأفراد في آن واحد. أما نحن والجمهور فنتنقل عبر هذا التعقيد ونحاول أن نبقى منفتحين على الاستعارات والمشاعر التي تثيرها القصص.
اليوم أيضا نحن نعيش في مجتمع من التحولات، زمن التغيير المستمر، التكنولوجي والثقافي. يبدو هذا التغيير وكأنه نهر كبير جارف لا أحد يستطيع أن يوقفه بعد الآن. ما على المرء سوى أن يستسلم لتدفقه. الانتقال يعني أيضًا أنه يمكننا التخلي عن الذخيرة المسرحية القديمة ونروي نحن بأنفسنا قصة هذا التحول من جديد. مثلما آمن بريخت بالمسرح الملحمي لأنه وجده مناسبًا لما أسماه العصر العلمي، فقد حان الوقت الآن لنصنع مسرحا لعصر انتقالي. إذا لم نتقبل هذه الحركية فلن نذهب بعيدا، وسنبقى نكرر أشكال بالية تصلح فقط لكتب التاريخ بدلاً من خشبات المسرح.
Vertaling: Mouhamed Saadouni
KRIJG JE GRAAG ONS PAPIEREN MAGAZINE IN JOUW BRIEVENBUS? NEEM DAN EEN ABONNEMENT.
REGELMATIG ONZE NIEUWSTE ARTIKELS IN JOUW INBOX?
SCHRIJF JE IN OP ONZE NIEUWSBRIEF. 
JE LEEST ONZE ARTIKELS GRATIS OMDAT WE GELOVEN IN VRIJE, KWALITATIEVE, INCLUSIEVE KUNSTKRITIEK. ALS WE DAT WILLEN BLIJVEN BIEDEN IN DE TOEKOMST, HEBBEN WE OOK JOUW STEUN NODIG! Steun Etcetera.